يسافر الكثيرون من افراد الاسرة بظروف طبيعية أو قاهرة وتترك بلدانها وتترك الدار التي امضى فيها سنين عمره كانت فيها المودة سياجاً والاحترام الكبير والحرص الوسادة التي كان ينام عليها ويرسم لاحلامه ألواناً بعطر نفَس والدته وحزم أبيه ، هذه الدار التي تجتمع فيه عشرات القصص اليومية من نجاح الى امتحان ، ومن تلكؤ الى سعي كبير ، واجتماع حول مائدة مستديرة تتلون المشاعر بالوان المحبة الصادقة والوفاق وتزدهر الاماني ، مكانة الولد ومكانة البنت ، التنقل بين المطبخ وحديقة الدار .. في الغربة يستذكر !! هل يا ترى كم فراشة بالوانها الخلابة مرت على ازهار حديقتنا بغيابي ؟ وما النسائم التي امتلأت بها رئتي اسرتي وانا في غيابي وبعدي المكاني الذي انغرس تعلقي وحبي به واليه مثل ماسة تمسكت بالتراب ونمت حتى عادت بصلابة ليس اصلب منها وجمالاً وقيمة عالية لانها هي الزينة والبريق ..
كذلك وجه امي الباسم الذي يرسم هذا الوجه الطلق الف صورة للمحبة والقلق والدعاء وتحمل بين روحها الحنين للولد والبنت بعد دقائق من غيابهم ، وذلك الاب الذي يكّد ويعود بكل هموم العمل ، وصاحب العمل، لانه لا يدع الاولاد في حالة حرمان ، وتتشابك القلوب اخوة واخوات وصوت اللعب صداه لا يذهب من مخيلتي ، في حديقة الدار هنالك الجدران قد احتفظت ببعض البقايا منها وكراسات الرسوم التي كبرنا على خطوطنا الملونة اشتبكت مع ما كنا نرسم ، قطة أم ، دار جيراننا أو شجرة خضراء عليها عصفورة تفاحتان .. هذه الافكار تجيء مثل جيش نظامي بخطواته وصداه يطرق باب ذاكرتنا في الغربة لنقول ونعترف.. لا شيء جميل يجمعنا مثل اهلنا ودارنا دار العزّ والمحبة .. لا تطيلوا الغربة وعودوا مسرعين .. ابواب داركم مشرعة كذراع امكم التي تنتظر ان تضمكم اليها بشوق كبير ..