انطلق الملتقى الثقافي والذي ينظمه فرع جمعية الثقافة والفنون بالرياض ويشرف عليه أ.د. سعد البازعي وفي عامة السادس بمحاضرة للناقد الفني يحيى مفرح زريقان، والتي أقيمت في نادي شركة الكهرباء الذي يستضيف فعاليات الملتقى للعام الثاني.
وتناولت المحاضرة رحلة الفنان الراحل عمر كدرس وبدأها بمقولات تبين مكانة الفنان عمر كدرس, ملحنا، ومغنيا، ومتذوقا مؤثرا بالفنانين في عصره.
كما تناول المحاضر ألحانه التي تمثل مفاصل مهمة في تاريخ الأغنية السعودية مشيراً لدوره الذي كان يقوم به في الظل لإثراء المشهد الفني حيث كان مرجعا هاما للفن, مشبهاً إياه بالمختبر الفني الذي يفحص ويصحح ويعالج الألحان التي تعرض عليه, بما يملكه من ذائقة غير عادية حيث كان الرجل مضمونا فريدا من نوعه.
وكان له أغنية (في الطريق) التي سمى بها المذيع بدر كريم برنامجه الإذاعي بعدما فاز بهذه الأغنية بالمركز الأول.
وقال حين وصفه أحد الفنانين الجدد بأنه أسوأ ملحن “يا ضيعة الآمال في من لا يرى حق المربي كحق الوالد” وهذا يكشف لغته العميقة.
كان كدرس مثقفا يجيد اللغة والعروض (علم بحور الشعر).
فكان يثقف نفسه بنفسه موسيقيا بالاطلاع والسماع والقراءة, وركز على الثقافة كمصادر لتقديم إنتاجه, فقد كان مثقف يجمع إنتاجه بين الأصالة والمعاصرة.
وبين المحاضر أن عمر كدرس كان في أول نشأته بالمدينة المنورة يعمل في البناء نقاشا (جصاصا أو مبيضا) لجدران البيوت.
وأشار لقول طلال مداح لزريقان: (لو استمر عمر كدرس يغني كان أكلنا أكل, لكن ربنا أنقذنا)
طلال ألغى جيل كامل بمدرسته واستسلم الجيل إلا عمر كدرس لم يستسلم واستمر ملحنا.
وعن علاقته بطلال مداح قال يحيى مفرح إن طلال عندما بدأ يسطع نجمه رفض أخذ ألحان من عمر كدرس, كون طلال ملحنا بالأصل، وعرض على عمر أن يكون عازفا معه, مما جعل عمر كدرس يتجه لرعاية الفنان محمد عبده الذي كان في بداية مشواره الفني حيث ساهم بألحانه في بروز محمد عبده حينها.
وأول بطاقة هوية لمحمد عبده كان كدرس وإبراهيم خفاجي شهودا على استخراجها, ولا غرو فقد كانت رعايته له رعاية تمتاز بالأبوية واهتم بتعليمه وتدريبه, فقد كان عمر يهتم في اللحن بالنغم ولم يكن يركب الجمل الموسيقية أو الرتميك كما كان محمد.
تحدث زريقان عن علاقه عمر كدرس بأم كلثوم وعدد من الأغاني التي كانت عنده وتنازل عنها لأنه كان يستغرق وقتا طويلا في التلحين وله أسلوبه الخاص, وكمثال (أقبل الليل)، حيث كانت عنده قبل أن يتنازل عنها ويلحنها السنباطي، و(الحب كله) كانت عنده قبل أن يتنازل عنها لبليغ حمدي، وحين التقى بأم كلثوم في جدة عندما حضرت للمملكة لأداء العمرة قالت له: (وبعدين معاك؟) قال لها: (حلمك علي يا ست)
كان من عبقريته يستمع أغنية ام كلثوم ويحفظها ويغنيها في اليوم الثاني كاملة من سماعها في الإذاعة.
كان له أسلوبه الخاص في التلحين حيث كان يعمل الشكل الأول ويهدمه، ويعيد بناءه هذا ما جعل معظم فنه عند أصحابه وله أثر بمعظم الألحان السعودية.
كان صاحب نظرة فنية قال يوما عن الغناء الكويتي في لقاء: إنه تأثر بالغناء السعودي كلمةً ولحناً وأداءً من منتصف السبعينات وأيده في رأيه بدر بورسلي.
ورفض في أمسية الغناء مع مجموعة من مطربين سعوديين وخليجيين دعي لها لأن ما كان يطرح لم يتقبله.
عانى عمر كدرس من الإقصاء والتجاهل فقد سجل معه ست ساعات من برنامج (الكلمة تدق ساعة) لمحمد رضا نصر الله ولم تبث، وهي الوحيدة التي لم تبث من هذا البرنامج, كما تم تجاهل فوزه بالجائزة الأولى في مصر ولم تبث عنها الصحف والملاحق خبراً.
كما تناوله علاقته بأسماء لامعه في المشهد الثقافي والفني والسياسي السعودي والعربي كمحمد سرور صبان، وفي مكة تعرف على أحد وجهائها من آل سنبل وصحبه قبل انتقاله لجده عندما أشيع أنه مرافق له, وكان له علاقة بأعلام الغناء كعوض الدوخي ومحمد علي سندي وغيرهما.
واختتمت المحاضرة بأمسية فنية قدم فيها الفنان خالد الشامي عدد من المقطوعات والالحان التي قدمها الفنان الراحل لعدد من المطربين لاقت إعجاباً كبيراً من الحضور.